Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Le blog de Banta-WAGUE

Le blog de Banta-WAGUE

C'est l'espace idéal pour partager le plus cher au monde avec mes chers frères, amis, sœurs et le monde entier ; celui du savoir. B.W


دور المرأة المسلمة غير المباشر في تنمية المجتمع

Publié par Banta-WAGUE sur 1 Novembre 2013, 19:00pm

Catégories : #En Arabe

Par Banta Wague, Université islamique de Say, Niger, Avril 2006.

 
المبحث الأول: دور[1] المرأة المسلمة غير المباشر في تنمية المجتمع
سنتناول أولا أهمية الأسرة و دور المرأة فيها، ثم نورد اعتراف بعض الغربيين بدور المرأة في الأسرة ، و بعد ذلك نتطرق إلى بيان ضرورة تربيـة المرأة المسلمة نفسها بالاتصاف بالأخـلاق الرفيعة من الأوامر الإلهيـة و ضرورة تمسكها بالحشمة و الزي الإسلامي المناسب لعصرها و بيئتها، و ذلك من خلال اجتنابها الصفات الذميمة والمخلة بنظام المجتمع و نبذها كل أنواع الفساد و الإفسـاد و الإثـارة الغريزية في الرجال في المجتمع . ثم نبين ضرورة اهتمـام المرأة المسلمة بزوجها و رعايته و طاعته في غير معصية و عدم مطالبته بما فوق المستطاع، لما قد يؤدي إليه من فساد في المجتمع، وبعد ذلك نقف مع المرأة المسلمة في ضرورة تربيتها بناتها قبل البنين و تنشئتهم جميعا تنشئة جسمية و عقلية و روحية ، و ضرب المثل الأعلى و القدوة الحسنة لهم بالفعل قبل القول و تربيتهم على المحافظة على نظام المجتمع ، و تعليمهم حقائق ثابتة في التربية الجادة ، وننهي كل ذلك بالتطرق إلى تحويل المرأة المسلمة البيت الزوجي إلى روضة على ظهر الأرض من الهدوء و السكون والاستقرار والراحة و تأثير ذلك على الإنتاج في المجتمع و عمل الزوج و على مستوى الأبناء و البنات التعليمي .

و نبدأ ذلك بالقول " إن قضية المرأة هي قضية كل مجتمع في القديم و الحديث ، فالمرأة تشكل نصف المجتمع من حيث العدد وأجمل ما في المجتمع من حيث العواطف، و أعقـد ما في المجتمع من حيث المشكلات ، و من ثمة كان من واجب المفكرين أن يفكروا في قضيتها على أنها قضية المجتمع ، أكثر مما يفكر أكثر الرجال فيها على أنها قضية جنس متمم و مبهج "[2].

هكـذا ينبغي أن ينظر إلى قضية المرأة ، و ليس المفكريـن فقط ، بل على الباحثات والكاتبات أن يهتممن بقضيتهن و أن يبحثن الحلول المناسبـة للعصر ، بناء على التعاليم الإسلامية . كما أنه من المطلوب أن يتوقف تقسيم الباحثيـن إلى أصدقاء المرأة و أعداء المرأة ، فعلى الجميـع أن ينظروا إلى مصلحة المجتمع ، و إذا وجد من يتاجر بقضية المرأة لأغراض سياسية أو اقتصادية ، فينبغي أن يعتبر عدوا للمجتمع الإنساني كله .

أولا : أهمية الأسرة و دور المرأة في إدارة شؤونها في المجتمع :

تكمن أهمية الأسرة في أنها اللبنة الأولى في بناء المجتمع ، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع ، و إذا فسدت فسد المجتمع و اعتورته الأمراض و الأدواء الدينية و الخلقية ، ولذلك أولى الإسلام الأسرة عنايـة فائقة و منحها اهتماما متزايدا يلائـم دورها الخطير ومسؤوليتها العظيمة في صناعة و تكوين الإنسـان منذ اللحظة الأولى لوجوده في هذا الكوكب[3]، و لا يعني ذلك أن الأسرة إذا صلحت تحول المجتمع إلى مجتمع ملائكي " لا يعصون ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون "[4]، لكن السمة الغالبة و الطابع الغالب آنذاك هو الصلاح بصلاح الأسرة .

و يبرز دور المرأة في أنها تقوم بأدوار عديدة ، فهي الزوجة و الشريك في تكوين واستمرار الأسرة ، و هي الأم المربية للنشء و المعلمة الأولى[5] ، و هي التي تنجب عناصر المجتمع من ذكور و إناث ، و تشرف على تربيتهم، و في كنفها يقضي الأطفال جل أوقاتهم ، و هي التي تلقنهم المفاهيم الأولية عن الحياة و عن المجتمع، وعنها يتلقون قواعد العقيـدة الصحيحة أو الفاسـدة[6] . كما أنها الممرضة المخلصة في حالات الحاجة الصحية، و ترعى ميزانية الأسرة و توفق بيـن الدخل و الاحتياجات المنزليـة ، و هي منسقة العلاقات العامة للأسرة . و يعتبر دور المرأة كأم من أهم الأدوار التي تؤديها ، حيث مازالت المرأة المسلمة تربي أطفالها و ترضعهم حليبها[7] . و لا بد من الإشارة إلى خطورة هذا الدور على المجتمع كله، حيث ترضع الأم أطفالها الحليب من ثدييها و معه كل اتجاهاتها النفسيـة من مشاعر السعـادة و الرضا أو مشاعر الحزن و اليأس ، كما ترضعهم طموحاتها وتطلعاتها أو مشكلاتها وإحباطاتها، و من هذه الناحية، يتطلب الأمر مزيدا من الاهتمام و العناية بالمرأة من أجل الحفاظ على المجتمع و صحته النفسية ، إذ الصحة النفسية بسلامة أفراد المجتمع جميعا صحيا و نفسيا ، و بذلك يتجلى دور المرأة في التأثير الهام و الفاعل في التنمية المجتمعية[8].

و لكن دور المرأة المسلمـة ينبغي ألا يقف عنـد الفهم السطحي الذي توارثه بعض المسلمين في عصر الانحطاط . يقول الشيخ محمد الغزالي: " و المسلمون و للأسف لا يعرفون كيف يقيمون حدود الله في البيت ، ذلك أنهم من زمان بعيد تواصوا بتجهيل المرأة و توارثوا ازدراء الأنوثة و ظنوا وظيفة المرأة طهو الطعام ، و إجابة الشهوة ، وتسمين الأطفال و حسبها هذا !!! ، و الانهيـار العلمي و الروحي الذي أصاب العالم الإسلامييعود إلى النظرة الحيوانية المجردة لوظيفة المرأة في المجتمعات الإنسانية"[9]. وليس هذا الكلام على إطلاقه، إذ إن الانهيار العلمي والروحي لعالم الإسلامي له عوامل أخرى غير ما ذكر هنا.

و يرى محمود شلبي حياة عليا و أسمى من هذا النمط المذكور آنفـا ، حيث يؤكد أن من حق النساء أن يظفر بما يرقى بحياتهن فوق الأمومة و فوق الزوجية ، فليست الحياة طعاما و شرابا و وطءا فنوما فبحثـا عن لقيمات . ليست الحيـاة العليا هي هذا النمط الأوتوماتيكي من الحياة ؛ فهذه كلها غرائز أوتوماتيكية تحرك الحشرات و الإنسان على حد سواء ، ففيم إذن يكون تمايز الإنسان و فضله على الحيوان ؟ و حين يجرح الإنسان ويناضل من أجل إعلاء القيم العليا والانتصار لكلمة الله في قتاله أعداء الله، حينئذ يرتفع الإنسان على شهواته و غرائزه و نزواته و يخرج يريد إما الجنة أو العزة[10].

فدور المرأة المسلمة أعلى من هذا النمط الأوتوماتيكي ، لأنها تصنع الفرد الإنسان ، "فهي التي تكفل للأسرة حياة يسودها الهدوء و الاطمئنان ، و هي التي لها أثر كبير في الناشئة، فمنها يتعلمون ، و بأخلاقها يتخلون ، فإذا كانت المرأة صالحة مستقيمة عاقلة مدبرة نشأ أولادها على خلالها و تأثروا بأخلاقها و طبعوا بطبائعها و كانوا في مستقبلهم نافعين لأنفسهم وأمتهم، و إذا كانت غير ذلك انعكس الحكم بالنسبة لأولادها"[11]، وانعكست نتيجة ذلك على المجتمع . و إذا عرفنا جسامة مهمة المرأة في تربية الأجيال و تكوين الأبطال ، عرفنا أن المرأة القائمة بهذه المهمة لا يمكن أن توصف بالعاطلة فكل امرأة يجب أن تكون عاملة ، و عندما نقول : امرأة عاملة لا نقصد كما يفهم البعض أن المرأة التي تشتغل خارج المنزل هي عاملة ، و بالمقارنة تكون المرأة التي تعمل داخل البيت امرأة عاطلة ، إن ذلك تصور مجحف و خاطئ و استهانة بدور المرأة ، إن المرأة في البيت هي عاملة في صناعة الأجيال، فتربية الطفل قط تتطلب تفرغا لمدة أربع وعشرين ساعة في اليوم لكن عائده التنموي لا يقدر بثمن رغم وفرة ربحيته[12].

ثانيا : اعتراف بعض الغربيين بدور المرأة في الأسرة :

إن هذا الدور العظيـم للمرأة في الأسـرة جعل بعض مفكري الغرب يدقون ناقوس الإنذار في مجتمعاتهم لما آلت إليه حال الأسرة عندهم، ولما سببه تهجير النساء وتركهنّ دورهنّ في بناء الأجيال. يقول ألكسيس كاريل : " و لقد ارتكب المجتمع العصري غلطة جسيمة باستبداله تدريب الأسرة بالمدرسة استبدالا تاما ، و لهذا تترك الأمهـات أطفالهن لدور الحضانة حتى يستطعـن الانصراف إلى أعمالهن ، أو مطامعهن الاجتماعية ، أو مباذلهن ، أو هوايتهن الأدبية و الفنية أو للعب البريدج ، أو ارتياد دور السينما ، وهكذا يضيعن أوقاتهن في الكسل . إنهن مسؤولات عن اختفاء وحدة الأسرة و اجتماعاتها التي يتصل فيها الطفل بالكبار فيتعلم منهم أمورا كثيرة ، لأنه، و لكي يبلغ الفرد قوته الكاملة، فإنه يحتاج إلى عزلة نسبية و اهتمام جماعة اجتماعية محددة تتكون من الأسرة "[13].

إن هذا اعتراف واضح من هذا الكاتب بأهمية دور المرأة في الاستقرار الأسري ، وكيف أدى إهمالها إلى تمزيق الأسرة و تدمير الأجيال ، بل تهديد كيان الدولة بنفسها ، وذلك بتحويل الأسرة إلى علاقة براغمتية نفعية تنتهي بانتهاء المنفعة المادية المحسوسة. وإذا كانت بعض هذه الاعترافـات قديمة ، فإننـا نجد الاعتراف عند الزعيم السوفيتي المعاصر " ميخائيل غورباتشوف " حيث يقول : " لقد اكتشفنا أن كثيرا من مشاكلنا في سلوك الأطفال و الشباب و في معنوياتنا و ثقافتنا و في الإنتاج يعود جزئيا إلى تدهور العلاقات الأسرية و هي نتيجة متناقضة لرغبتنا المخلصة و المبررة سياسيا لمساواة المرأة بالرجل في كل شيء ولهذا السبب فإننا نجري الآن مناقشات حادة في الصحافة و في المنظمات العامة و في العمل و المنزل، بخصوص مسألة ما يجب أن نفعله لنسهل على المرأة العودة إلى رسالتها النسائية البحتة "[14].

و ليس المقصود بهذا القول حرمان المرأة من العمل المهني أو النشاط الاجتماعي ، ولكن ضرورة توفير التوازن بين المهمة الأساسية الأولى داخل الأسـرة و بين المهمات الأخرى كما يرى ذلك أبو شقة في تعليقه على قول غورباتشـوف ؛ فلا ينبغي إذن أن نحرم على المرأة المسلمة كل خير أو كل مساهمة مباشرة في تنمية مجتمعها ، بدعوى أن غيرنا جرّب المجال و فشل ، لأن الإسلام نظام متوازن و مصحح للأنظمة السابقة والمعاصرة ، و لأن غيرنا اعتمد على العقل البشري المحض .

ثالثا : تربية المرأة المسلمة نفسها بالتحلي بالأخلاق الرفيعة :

إن " المرأة المسلمة بحكم تكليفها كالرجل ، صاحبة رسالة في الحياة ، و لذا وجب أن تكون اجتماعية فعّالة مؤثرة ما أسعفتها ظروف حياتها وأسرتها وإمكاناتها، و هي تخالط النساء على  قدر  استطاعتها و تعاملهن بخلق الإسلام الرفيع الذي يميزها عن غيرها من النساء"[15].

فهي حسنة الخلـق ، لأنها تقرأ حديث رسولها صلى الله عليه و سلم : " إن خياركم أحاسنكم أخلاقا "[16] ، و هي صادقة مع ربها و مع أهلها و مع مجتمعها ، لأنها تقرأ قول الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين"[17]، و تحفظ حديث رسولها صلى الله عليـه و سلم : " إن الصدق يهدي إلى البر و إن البر يهدي إلى الجنة ، و إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، و إن الكذب يهدي إلى الفجور، و إن الفجور يهدي إلى النار ، و إن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابـا "[18]. إنها ترى في هذا الحديث خطابا موجها إلى النساء و الرجال على حد سواء .

إن المرأة المسلمة متصفة بالحياء الذي من طبيعة خلقتها الذي يجعلها تترك كل قبيح وتبتعد عن كل رذيلة و تقصير  ، و الذي لا يمنعها أن تتفقه في دين ربها ، كما لم يمنع الحياء نساء الأنصار من التفقه في الدين ، لأنها تحفظ و تقرأ حديث رسولها : " الحياء لا يأتي إلا بخير "[19].

فالمرأة المسلمة لا يصدر عنها قول أو فعل يؤذي الناس أو يخدش كرامتهم ؛ فالحياء يحجبها عن كل مخالفة شرعية أو مخالفة لما تعارف عليه مجتمعها ، و يذودها عن كل انحراف اعتقـادي أو سلوكي في معاملتها للناس ، و ليس ذلك حياء و خجلا من الناس فحسب، و إنما حياء من ربها تعالى و تحرجا أن تلبس إيمانها بظلم[20] ، و تحرجا من أن تهدم حيث يبني غيرها ، لأنها تضع بين يديها قول شاعر :

متى يبلغ البنيان يوما تمامه  *   إذا كنت تبنيه و غيرك يهدم ؟!

و المرأة المسلمة الواعية لا تكتفي بنقاء نفسها ، بل تقدم النصح لكل امرأة تتصل بها من النساء اللواتي شردن عن هدى الله من أهلها و أفراد مجتمعها ، و لا ترى في إسداء النصيحة تطوعا و تكرما منها[21] تفعل إن شاءت و تترك متى شاءت، بل ترى من واجبها نحو مجتمعها السعي من أجل تنمية مجتمعها حسيا و معنويا، لأنها تقرأ قول ربها تبارك و تعالى: " والمؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر "[22]، و تقرأ حديث رسولها : " الدين النصيحة ، قلنا لمن : قال : لله ، و لكتابه ، ولرسوله، و لأئمة المسلمين و عامتهم "[23].

و لا شك في أن اتصاف المرأة المسلمة بهذه الصفات الحميدة والبنّاءة يساهم في تنمية المجتمع و نشر الخير بين أفراده، و ليست هذه كل الصفات الحميدة ، لكننا أوجزنا هنا.

رابعا : اجتناب المرأة المسلمة الصفات الذميمة والمخلة بنظام المجتمع :

إن المرأة المسلمة تتجنب الصفات الذميمة و المخلة بنظام المجتمع ، فلا تشهد الزور بجميع أنواعه ، و لا تنتخب من يفسد عليها دينها و دنياها ومن ينشر الفساد في مجتمعها لأنها تعلم يقينا أن من مواصفات عباد الرحمن عدم شهادة الزور " و الذين لا يشهدون الزور "[24].

والمرأة المسلمة لا تتبع عورات غيرها من الناس في مجتمعها بالتشهير وذكر العيوب و السخرية ، لأنها تعلم أن هذه من وسائل صغار الهمم و ضعاف الإرادة ، فهي تصدع بالحق بعيدة عن هذه الصفات ، و لأنها تكره انتشار الرذائل بهذا الأسلوب ، و هي التي تقرأ قول ربها : " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشـة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة "[25]، و تقرأ حديث رسولها صلى الله عليه وسلم : " إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم "[26] ، لأن هذا التصرف يؤذي المجتمع كله .

كذلك تبتعد المرأة المسلمة عن النفاق الصريح و غير الصريح ، لأنها تعلم يقينا أن المجتمع الإسلامي ابتلي به منذ لحظة قيامه و ساهم ذلك في زعزعة الاستقرار و الأمن فيه. و تبتعد عن المجاملة و المدح الكاذبين .

و المرأة المسلمة تبتعد كلما ابتعاد عن السباب وخاصة سباب الابن أو البنت، و تبتعد كذلك عن الكلام البذيء و الخداع، و خاصة خداع الأسرة أو الزوج.

و لئن كانت بعض النساء الأوروبيات و الأمريكيات لا يرين بأسـا في اتباع التيـار الجارف من فوضى الأزياء ، فإن المرأة المسلمة لا بد أن ترى في هذا التيار بأسا، وأي بأس !! وأن ترى فيه بأسا لما يصيب العزّاب من كبت و ما يجرهم إليـه من الفوضى الجنسية والانحلال. كذلك أن ترى المسلمة ما يدفع نساء جاهلات أو فقيرات إلى تعاطي الفاحشة سرا للحصول على الرزق و الكسب، و ذلك بظهورهن بمظهر فاتن جميل حين يرتدين هذه الأزياء !!

و ينبغي للمرأة المسلمة أن ترى بأسا لما يقع بين بعض الأزواج و الزوجات من مشاجرات و خصومات من أجل أن يشبعن رغباتهن في ارتداء الزي الجديد ، لذلك فإن على المسلمة أن تحافظ على استقامة المجتمع وطمأنينته بما تظهر به من مظهر الحشمة و الكمال[27] في الزي و اللباس المناسب لعصرها و بيئتها مادام توفرت فيه شروط الشرع في آداب لقاء المرأة الرجال الأجانب، و سوف نرى بعضا منها في المبحث التالي.

خامسا : اهتمام المرأة المسلمة بزوجها :

و من مساهمة المرأة المسلمة غير المباشرة في تنميـة مجتمعها ضرورة اهتمامها بزوجها و رعايته ، و أن تكون لزوجها الرفيقة التي يسكن إليها والنفس التي يطمئن إلى إخلاصها ، و تشاطره سراء الحياة و ضراءها، و تفيض من المودة و السكن والهـدوء النفسي و العاطفي ما يهون عليه متاعب الحياة  تخفف عنه هموم الدنيا . و لكن الأمر متبادل، حيث يجب على الزوج أن يكون السنـد الذي تركن إليه فيصون لها الكرامة، ويوفر لها الحياة المطمئنة و السعادة المنشودة[28] ، و يعينها على أعمال المنزل و الأسرة، و أسوتنا في ذلك سيد البشر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .

إن اهتمام المرأة بزوجها يجعله ينطلق إلى عمله في ثقة كبيرة، لا يخطر له خوف من أهله، فينطلق إلى العمل مع راحة نفسية و هدوء عاطفي و استقرار ذهني ، فيتقـن عمله الموكل إليه في المجتمع ، و يعود إلى أهله في اطمئنان تام ليعود في غده إلى شغله في تنمية المجتمع . و لا شك في أن حال هذا الزوج في إتقانه عمله سواء كان تعليميا أو اجتماعيا أو سياسيا أو إنتاجيا يختلف عن الزوج الذي لا يكاد يرتاح إلا إذا غادر بيته ، فما يكاد يتجه إلى أهلـه حتى تسيطر على عقله و فكره الهموم لما سيواجـه من شجار وخصومة و طلبات و أوامر من زوجه ، و سينعكس ذلك سلبا على عمله و شغله .

أما من الناحية الاقتصادية ، فلا شك في أن المرأة التي تريد من زوجها أن تكون في مظهرها أحسن من غيرها ، و تحرض الزوج على أن يوفر لها المـال عن أي طريق كان، و لا يهمها الطريق الحلال من الطريـق الحرام ، و لا تهمها عزة زوجها في هذا الطريق أو ذلته ، أنها تساهم في تدمير اقتصاد المجتمع ؛ فالمرأة المسلمة اليوم لا بد أن تقتـدي بالمرأة في عصر السلف الصالح ، حيث كانت تقول لزوجها إذا خرج للعمل أو للتجارة أو نحو ذلك : يا أبا فلان ، إياك و كسب الحرام ! فإننا نصبر على الجوع و لا نصبر على النار و غضب الجبار! فلو كان الزوج ضعيف الإرادة أمام الحرام و مهلهل العزيمة، فإن هذه الكلمة من امرأته ستجعله يصحو لنفسه و بيته، و يستيقظ ضميره، ويحاسب نفسه مرة و مرة قبل أن يرتكب حراما[29].

و المرأة المسلمة من خلال هذه الصفات الحميدة و هي تذكيرها زوجهـا بضرورة الكسب الحلال تساهم بطريقة غير مباشرة في تنمية مجتمعها ، لأن الزوج الذي يعمل في الدوائر الحكومية مثلا و يدرك ثقل ما تطلبـه منه زوجته عند نهايـة كل شهر من الأموال الضخمة و أنواع الملابس و الأطعمة النادرة و غير ذلك ، قد يدفعه كل ذلك إلى اختلاس أموال الدولة و تزوير الأوراق الرسمية لإشباع رغباته الخاصة و رغبات السيـدة الراكدة في البيت المنتظرة لعودته إلى البيت ، خاصة إذا كان ضعيف الإرادة ، كما أسلفنا .

و المرأة المسلمة تشجع زوجها على الإنفاق في سبيل الله و تدفع به إلى وجوه الخير والبر و مساعدة المحتاجين و الضعفاء ، إيمانـا منها بأن الدال على الخير كفاعله في الثواب و الأجر . كما أن المرأة المسلمة تسـاهم في تنمية المجتمع في اعتدالها في الاستهلاك ، وتوسطهـا في استخدام أملاك الأسـرة ، لأنها تعلـم أن من صفات عباد الرحمن عدم الإسراف و التقتير لقوله ربها : " و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما "[30].

فمن المشكلات الأساسية للمجتمع البشري مشكلة المال و الدخل القومي و الجماعي ، والموازنة بين الواردات و النفقات؛ لذلك فالإسراف و التبذير بالطعام و الشراب والزينة و اللباس و السكن و الكماليات ، كل ذلك من أخطر مشكلات الإنسان، حيث هناك البذخ و التبذير والصرف غير المتقن الذي يرهق اقتصاد الأسرة والدولة و الأمة، ولا يتناسب في كثير من الأحوال مع دخل الأسرة و واردها. لذلك نجد أن الإسلام دعا إلى الاعتدال في النفقة و حرّم الإسراف والتقتير و البخل من أجل تنظيم موازنة المجتمع الاقتصادية. و المرأة تتحمل المسؤولية الكبرى في تنظيم ميزانية إنفاق الأسرة و تحديد طبيعتها ، وبذلك يبرز دور المرأة في تدبير شؤون المنزل و الاقتصـاد المنزلي في حرصها على مالية الأسرة والاعتدال في الصرف و الكماليات و وسائل الزينة والمباهات في الصرف و حب الظهور. وعندما تعتدل المرأة والأم، فإنها توفر قسطا غير قليل من وارد الأسرة و تخفف عن الرجل تحمل الديون بتقليل الصرف ، و التأثير على الأبناء ، بل و الزوج في رسم سياسة إنفاق معتدلة للأسرة توازن بين وارداتها و مقادير الاستهلاك والإنفاق ، لأن كثرة الاستهلاك و الإسراف و التبذير في الأسرة ينعكس أثرها ليـس على الأسرة فحسب بل و على الوضع الاقتصادي العام في المجتمع و الدولة، إذ ترتفع القوة الشرائية في السوق نتيجة الإنفاق و الاستهلاك المرتفع فتنخفض قيمة النقد و ترتفع أسعار السلع و الخدمات، فيتصاعد حرمان الفقراء، و تغرق الأسر في الديون والمشكلات الاجتماعية كما تواجه العملة حالة التضخم النقدي (L’inflammation) و تنشأ المشكلات السياسية والاقتصادية و الأمنية و الأخلاقية نتيجة لاضطراب الوضع الاقتصادي في المجتمع[31].

و ينبغي أن نشير في هذا الصدد إلى أن التبذيـر يقع في مجتمعاتنا المتخلفة ماديا ، وذلك يظهر فيما تنفقه النساء من أموال طائلة في حفلات استقبال العرائس أيام الزفاف (Réception) ، و ما يحدث في أيـام العقيقـة (Baptême) ، و الاحتفال بأعياد الميلاد (Anniversaire) و غير ذلك مما لم نذكر. و إذا عرفنا الداء ، تحتم وصف الدواء الناجع وذلك بتثقيف المرأة وتخصيص حصص في المنهج الدراسي للاقتصاد المنزلي الإسلامي و تثقيفها على الاعتدال في النفقـة و تخطيط ميزانيـة الأسرة لتساهم في بناء الوضع الاقتصادي و إنقاذه من المشكلات ، لاسيما الغلاء و حرمان الطبقات الفقيرة . و بذلك تسهم المرأة في تنمية المجتمع عن طريق توجيه و تنظيم اقتصاد الأسرة ، جريا على منهج القرآن في دعوته الحكيمة[32] ، و ليؤدي المرأة مسؤوليتها كراعية لبيت زوجها ومسؤولة عنه كما جاء في البيان النبوي الكريم[33]

سادسا : تربية المرأة المسلمة لأبنائها :

إن المرأة المسلمة تدرك أن بناتها و أبناءها أمانة الله بين يديهـا ، و أنهم زينة الحياة الدنيا ، وروح الأمل فيها ، و لأجلهم تهون المصائب ، لأن الأبناء تجديد لماضي الآباء والأمهات ، و الشمس المشرقة في الحاضر و الأمل الباسم في الغد ، لذلك نجد أن الله سبحانه ذكر مادة (ولد) في القرآن الكريم 102 مرة ، كما ذكر مادة (ابن، وبنين، و بنيّ، و أبناء، و بنات) 158 مرة ، و ذكر مادة (ذرية) 32 مرة .

و يعتبر القرآن الأبناء مرة زينة الحياة، و مرة قرة أعين للوالدين، و مرة أخرى نعمة تستحق شكر الواهب[34] ، " و أمددناكـم بأموال و بنين و جعلناكم أكثر نفيرا "[35] . فينبغي للمسلمة أن تحرص كل الحرص على تربية بناتها وأبنائها تربية صحيحة سليمة، وتشعر بعظم نعمة الله عليها، و تشكر الله بتربية بناتها و أبنائهـا بما أمر الله من النهج السليم الصحيح. فكم من امرأة غيرها تمنت أن ترزق ذرية فتربيها على منهج الله فلم ترزق و عاشت عمرها في نقص و حاجة إلى أبناء ؟

و في الواقع، يجب على الأب أن يساند أم أولاده على تربيتهم في جو أسري هادئ محترم. يقول الدكتور ماهر كامل : " و هذه التربية تبدأ منذ الميلاد ، فنهيئ للطفل جوا سعيدا ينمو فيه شاعرا بمحبة من حوله، و تضامنهم في البذل لتحقيق حياة أرقى ، وبذلك تنطبع في نفس الطفل صورة جميلة عن المجتمع ، و يتجه تلقائيا في مقتبـل حياته إلى التعاون في سبيل سعادة المجموع ، هذا الجو السعيد الذي نرجوه للطفل يجب أن يخلو من صنوف الشقاء و التناحر بين أفراد الأسرة ، و ألا يظهر أمام الطفل ضروب الأخلاق الذميمة فالطفل كائن حسّاس للميراث الخارجية و من هنا كان على الوالدين أن يخفيا عن أبنائهما صور الخلاف بينهما "[36].

وتأتي ضرورة مشاركة الأب في توجيه الأبناء لما يعلم من امتثال الأبناء لأقوال الأب أكثر ، حيث تتصف الأم غالبا بالحنان و الرأفة و الشفقـة ، و لعل هذا ما يجعل بعض الأمهات يلجأن إلى أسلوب تخويف الأبناء من حيوان متوحش أو جان أو غول ، وهذا أسلوب خاطئ ينشئ الطفل على الخوف و يجعله ضعيف الإرادة و العزيمة ؛ فحب الأم و حنانه على أبنائها ينبغي ألا يجعلها تسكت عن انحراف أبنائها و بناتها، لأنها تقرأ قول ربها : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم النار وقودها الناس و الحجارة "[37].

فالمرأة المسلمة انطلاقا من مفهوم الاستخلاف لا بد أن تواجه هذه الأوضاع المزرية والانحرافات السلوكية ، و أن تساهم في أداء أمانة " تحقيق الوجود الإنساني " الخيّر كما أراده الله ، ساميا هادفا ، و ذلك باعتماد المرجعية الإسلامية من خلال جبهة الأسرة التي هي الوحدة الاجتماعية المرشحة لأن تكون أقوى جبهة للتنشئة الحضاريـة ، و أن تثمر سلوكا إسلاميا في بناتها و أبنائها ، يقود هذا السلوك إلى العملية التنموية .

كما يقوم دور المرأة المسلمة أساسا على تربية بناتهـا وأبنائهـا على الإحساس بآلام الغير و معاناتهم ، و تعلمهم مساعدة المحتـاج و المريض و إغاثـة اللهفان ، و إرشاد الضال، و الرحمة بالصغير و الضعيف ، و تغرس فيهم قيم التكافل الاجتماعي[38].

ولكي تعطي هذه التربية ثمارها في المجتمع، ينبغي للأم أن تربط بناتها و أبناءها منذ الصغر و تربيهم على التمسك بأصول الإيمان و أركان الإسلام و نظم المجتمع وعاداته، و الاهتمام بمصالح المجتمع الذي ينتمون إليه ، و تهتم الأم بتربية و تكوين البنت والولد بكل ما هو نافع من العلوم الشرعية و الثقافة العلمية و العصرية ، و التوعية الفكرية والحضارية ، و تربية الأولاد على الاهتمام بما يدور في عصرهم و ما يحيط بمجتمعهم من مكائد و غيرها ، حتى ينضج البنت و الولد فكريا و يتكونا علميا و ثقافيا[39] ، و يتأهلا عاطفيا و وجدانيا .

و ينبغي للأم المسلمة أن تدرك أن الثقة الدينيـة تكون عاليـة عند المراهقة أكثر من المراهق، فتهتم بها أيما اهتمام، فلا تتركها تخطفها أنياب الشر و ذئاب البشر، لما في ذلك من سهولة إفساد المجتمع بإفسادها. ورد في أبحاث كول ، أن السادسة عشرة من حياة المراهق تعتبر مرحلة تحول في سلوكه و إيمانه الديني ، ذلك لأن الثقة الدينية بين المراهقين ترتفع عندئذ إلى ما يقرب من 60% وإلى ما يقرب من65% عند المراهقات[40]. و بهذا ندرك خطورة استهداف البنـات بقصد تدمير هذا الحس الديني في كيانهن و في تكوينهن الخلقي و رقة العاطفة لديهن .

و ينبغي للأم المسلمة أن تنشئ الأولاد تنشئة جسمية و عقلية و روحية حتى يكبروا وينفعوا المجتمع ، و يمكن للأم أن تكون القدوة الحسنة لبناتها في حسن معاملة جيرانها وجاراتها فلا تصدر منها إساءة إلى الجارات و لا خصومة و لا شجار ، و لا تغتابهن ، و لا تتبع عوراتهن ، فتنشئ ابنتها على هذه الخصال فتحسن إلى الجارات ، بناء على ما تعودت أن تراه من أمها، لأن الأم هي القدوة والمثل بالنسبة لبناتها وأبنائها لقربها إليهم.

و الأم التي تشعر بالانتمـاء إلى مجتمعها و وطنها تدفـع بناتها و أبناءها عن طريق المحاكاة و التقليد إلى تحصيل ذلك الشعور فيهم ، و تعميق انتمائهم إلى هذا المجتمع ، وبالتالي السعي إلى تنمية هذا المجتمع حسيا و معنويا ، و مراعاة آدابه و عاداته وتقاليده مادامت لا تخرج عن مفاهيم الإسلام و نظمه[41]. كما ينبغي لها أن تشعر بناتها و أبناءها بانتمائهم إلى الإسلام دينا و دولة، و أن مصدرهم القرآن الكريم و السنة المطهرة نظاما وتشريعا و منهجا، و تعلمهم تاريخهم الإسلامي و تراث أجدادهم فكرا و سل وكا[42] .

وينبغي للمرأة المسلمة أن تعلم أن دورها في تربية بناتها وأبنائها أسمى وعلمها أعلى من الشهادات و الوظائف و المراكز، و ما فرض الإسلام العلم على المرأة[43] إلا لخطورة دورها في التربية ، و قد أعدها الله لأخطر مهمة و هي تربية الإنسان الذي استخلفه الله على الأرض و حمّله أمانته ، فهي مسؤولة مسؤولية كاملة عن إعداد هذا الإنسان ليكون أمينا على الإنسانية و سلامتها[44] .

فعلى المرأة المسلمة أن تربي بناتهـا و أبناءها على بعض هذه الحقائـق الثابتـة في الحياة و المؤثرة في التربية ، و هي الجدية التي هي الأصل في الحياة ، فلا ينجح في الحياة ولا يثمر و لا يحقق أهدافه إلا الرجل الجاد و المرأة الجادة فيها ، أيا كانت أهدافه وفلسفته للحياة سواء كان سياسيا أو تاجرا أو باحثا أو مدرسا أو حتى كان منحرفا في سلوكه ، أرأيت أصحاب المذاهب الأرضية ، و الطرق الضالة كيف يدفع أحدهم حياته وراحته ثمنا لمبادئه ؟! فهل نريد أن تكون لنا سنة خاصة ؟ وهل نتصور أننا سننجح في تحقيـق أهدافنـا الطموحة التي تتجاوز كل أهداف أولئك دون أن نملك قدرا من الجدية يفوق ما هم عليه ؟ و كم تتطلع الأمة المسلمة إلى احتلال موقع الريادة ، فهل يمكن أن تحقق تلك المكانة دون جد و عمل ؟[45].

ويتفرع عن الجدية العامة، الجدية في التعامل مع الأوقات، فعلى الأم أن تربي الأولاد على الجدية في أوقاتهم، خاصة إذا عرفنا أن من طبيعة الطفل اللعب الكثير و المزاح، و ليس ذلك عيبا في حد ذاته.

كما ينبغي على المرأة المسلمة أن تربي بناتها و أبناءها على الجدية في الاهتمامات ؛ فالمرأة الجادة و الرجل الجاد صاحبا اهتمامات عالية و نظرات طموحة تتجاوز الكثير مما يشغل الناس من اهتمامات فارغة أو سطحية. و عليها أن تربي بناتها و أبناءها على التفكير العلمي الجاد ، و تزال النفوس الجادة المدركة لسمو الهدف وعظم الواجب تحول الخواطر إلى فكرة مدروسة و رأي عملي منتج، وترفض أن تعطي وكالة للغير بالتفكير نيابة عنها، و أن يكون دورها مجرد استيراد للأفكار الجاهزة، وأن تربي بناتها وأبناءها على المبادرة الذاتية ، و ذلك أن من نتاج التربية السلبية السائدة في مجتمعاتنا الاتكالية ، وانعدام المبادرة ، و حتى بعض العاملين للإسـلام أصابهم ما أصاب ، فتعطلت طاقات فعّالة في الأمة[46].

كما أن على المرأة المسلمة أن تربي بناتها و أبناءها على التربية الوقائيـة من الفتن والمغريات التي تواجه الشبـاب و الشابـات المسلمين في هذا الزمان و ما يواجههم من الصوارف عن ديـن الله عز و جل ، و الشبهـات التي تشككهم في دينهم و عقيدتهم ، والشهوات المحرمة ، فيصبح الشاب و الفتاة و يمسيـان و الصورة المغرية ، و المشهد الساقط تلاحقهما في الشارع و على الشاشة ، و في المجلات ، و في الأسواق ، و حتى على مقاعد الدراسة أحيانا[47].

و من الضروري أن نبين أن المرأة المسلمة حين تربي بناتها و أبناءها ، لا تلجأ إلى القوة العضلية، " و حين يربي الآباء و الأمهات طفلهم على المبادئ الإسلامية الصحيحة فهم أولا : لا يكبتون رغائبه و أشواقه ، لأن الكبت مناف لطبيعة الإسلام ، بل يضبطون نزعاته الفطرية و ينظمونها ، و يرجون في نفسه تلك الإرادة الضابطة التي تتحكم في تصريف الطاقة الحيوانية، فلا هي تستأصلها من منبتها، و لا هي تطلقها بدون حدود"[48] ، لأن المرأة المسلمة تعلم أن الإقناع الذاتي أجدى في تكويـن الأولاد و أكثـر ثمارا على أرض الواقع .

و لا يظنن أحد أن هذا النوع من التربية الجادة و الهادفة و التنشئة الذكية ضرب من الخيال و لا وجود له في دنيا الناس ؛ فقد كان لهند زوجة أبي سفيان الفضل في تنشئة معاوية على نزعة الطموح و في إذكاء القدرة لديه على السياسة و الدهاء ، إذ أنها منذ كان يافعا كانت توضح له في عدة مناسبات حدود مطامحها و في تربيته ، ففي مناسبة كانت ممسكة بيد معاوية و هو صغير فصادفها أحد أقربائها ، فقال لها : من يكون هذا الغلام الذي أرى فيه أنه سيصبح سيد قومه ؟ فأجابته على الفور : " ثكلته أمه إن لم يصبح سيد العرب "، و هذه الجملة التي حددت له الهدف دون الوسيلة بقيت في حافظته يقيس ما توصل إليه من مجد بها ، فيرى أنه لم يحقق حلم أمه فيه ، فحين أصبح واليا على دمشق سنة 20 للهجرة، استقل ذلك ، لأنه لم يصل إلى الهدف الذي رسمته له، و لم يحقق ما يرنو إليـه مطامحها فسعى إلى الخلافة ، حتى أصبح سيد العرب و المسلمين ومؤسس دولة بني أمية .

إن الأم التي تعي دورها في الحياة و في التربية خاصة لجليلة مباركة تستطيع صنع الأمجاد لما تدخره في أذهان أطفالها من مطامح كبيرة و أهداف نبيلة[49] ، فهذه ثقة عظيمة من هند على ابنها بعد قيامها بواجبها تجاهه من التنشئة و التوجيه و التثقيف و الإذكاء ، فلذا على الأم ألا تنتظر من ابنها أن يدخل التاريخ من بابه الواسع إذا لم تقم بواجبها من التربية الجادة و ما شاكل ذلك . و لم تكن هند المثل الأوحد في هذا المجال ، بل عرف التاريخ البشري أمهات عظيمات قديما و حديثا في القيام بالدور البطولي تجاه الأبناء: فعلت أسماء بنت أبي بكر مع ولدها عبد الله بن الزبير في محنته مع الحجاج بن يوسف و تشجيعها إياه على المضي قدما في الحق دون خوف أو تهاون ، و تذكيرها له بأعمال أبيه وجده أبي بكر الصديق .

كذلك فعلت مثل هذا الدور البطولي الخنساء مع أبنائها الأربعة في معركة القادسية ، حيث حثتهم على قتال العدو و إيثار الثواب الجزيل و الكرامة في دار الخلود على الدنيا الفانية، فحاربوا في عزيمة نادرة مذكرين بعضهم بعضا قول العجوز ، حتى استشهدوا جميعا في سبيل الله .

سابعا: تعمير المرأة المسلمة البيت الزوجي:

إن اهتمامنا بالتقديرات النقدية للتنمية و أثر ذلك على الدخل القومي الكلي في الدولة يجب أن لا ينسينـا ذلك على الإطلاق الأبعاد الأهم الأخرى ، و التي لا يمكن تقديرها بالمال، و هي الاستقرار النفسي لأفراد المجتمع و رعاية النشء و غرس المثل و القيم والأخلاق الروحية الفاضلة و التي تكون عادة غير منظورة أو محسوسة[50]، و التي يمكن للمرأة المسلمة أن تقوم بدور بارز فيها من خلال بيتها الأسري .

فالمرأة المسلمة تحرص على أن يقوم بيتهـا على قواعد محكمة متينة ، من السكينة والمودة و الرحمة، و هو بمعزل عن الضوضاء و الصخب ، بعيدا عن أصوات مرتفعة أو صاخبة ، ذلك أن قيام البيت على المودة و الرحمة يعد اللبنة الأولى في طريق بناء مجتمع الجسد الواحد القائم على المودة و الرحمة[51] ؛ لذلك عبر القرآن الكريم بلفظ السكن في علة خلق زوج الإنسان من نفسه و ذلك في قوله تعالى : " و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها "[52] ، و قوله تعالى : " و جعل منها زوجها ليسكن إليها"[53]. و السكن لفظ جامع لمعان لطيفة و دلالات عميقة و عديدة ؛ فسكن المطر : فتر،  وسكنت الريح: هدأت ، و سكنت النفس بعد الاضطراب : هدأت ، و سكن إليه: استأنس به و استراح إليه، و سكن المكان : أقام به و استوطنه، و السكينة: الاستقرار والطمأنينة و الوقار[54].

و هكذا نفهم معنى السكن الذي توفره الزوجة لزوجها وأسرتها من الراحة والاستقرار و الأمن. ولقد أثبتت الدراسات العلمية أثر الوضع النفسي والعصبي للإنسان على مجمل نشاطه في الحياة ، فمسؤولية العمل و الإنتاج الصناعي و العمل السياسي و الاجتماعي و الوظيفي و الخدمي و الزراعي و الإداري و الهندسي و التعليمي و الطبي و التجاري و غير ذلك التي يقـوم بها كل من الرجل و المرأة ، تتأثـر بشكل مباشر بأوضاعهما النفسية ، فإذا كان الإنسان يعيش في وسط المشاكل العائلية و التوتر النفسي و العصبي، ينخفض إنتاجه المادي ، كما يتأثر إقباله على العمل و الإبداع ، و تزداد المشاكـل حتى مع الرفاق في المعمل ؛ فطبيعة العلاقة الزوجيـة تساهم في مستوى الإنتاج و التنمية بانعكاس آثارها النفسية على طاقة الإنسان و علاقته بالإنتاج و العاملين معه[55] .

كما تساهم الأم في تنمية المجتمع و أبنائه فكريا و ماديا و أخلاقيـا من خلال التربية والاستقرار الأسـري ؛ فالطفل الذي ينشأ بعيـدا عن القلق و التوتر العائلي ينشأ سوي الشخصية إيجابيا في علاقاته و تعامله مع الآخرين و عطائه الاجتماعي ، بخلاف الطفل الذي ينشأ في بيئة عائلية تضج بالمشاكل و النزاعات و التعامل السيء مع الطفل ، فإنه ينشأ عنصرا مشاكسا و عدوانيا في سلوكه و علاقاته . كما أن الطفل الذي ينشأ على حب العمل و الحفاظ على الوقت ، و توجه الأم توجيها مدرسيا سليما فيواصل تحصيله الدراسي وينمي مؤهلاته، يكون عنصرا منتجا، لأنه حصل على جو إيجابي هادئ ساكن بنّاء ، بخلاف الطفل الاتكالـي الكسول الذي لا يحرص أبواه على توجيهـه نحو العمل والإنتاج وبالتالي يتحول إلى عالة على الآخرين وينتظر مساعدة الآخرين، ويسبب أمثال هذا الصنف من أفراد المجتمع في تخلف الإنتاج وركود الحياة الاجتماعية والاقتصادية و العملية[56]. و أسوأ من ذلك كله ، أن يتحول هذا الصنف من الأطفال إلى معاول الهدم والإجرام في المجتمع ؛ فقد تبيـن في إحصاء أجري في أمريكا أن أكثر من 90 % من المجرمين يعود سبب إجرامهم إلى طفولتهم ، حيث عاشوا طفولة شاقة صعبة، إما بدون أم ، أو بدون أب ، أو في بيت يتخاصم فيه الأبوان . فقد حرم هؤلاء الأطفال الحنان والحب والأمن و الاستقرار في طفولتهم، فإذا هم يحقدون على المجتمع بأسره فيرتكبون كل أنواع الجرائم[57] ، و بذلك يكون عدم الاستقرار المنزلي سببا في عرقلة تقدم المجتمع اقتصاديا و اجتماعيا و صحيا و أخلاقيا .

[1] - إن الدور هنا يعني مجموعة الحقوق التي تتلقاها المرأة في مجتمعها ، و الواجبات التي تقدمها للمجتمع ، متجسدة في أنماط سلوكية متعارف عليها ، و في توقعات أدائها و وعيها و وعي الآخرين بهذه الحقوق و الواجبات التي تتمثل في مجموعة الاتجاهات الاجتماعية . راجع ، مركز دراسات الوحدة العربية ، المرأة و دورها في حركة الوحدة العربية ، ص127.

[2] - د. مصطفى السباعي ، المرأة بين الفقه و القانون ، المكتب الإسلامي، دمشق، ط6 ، 1404هـ/ 1984م ، ص9.

[3] - راجع ، د. مجدي باسلوم ، دور المرأة المسلمة في توجيه الأبناء ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط1، 1416هـ/ 2005م ، ص138.

[4] - سورة التحريم ، الآية : 6.

[5] - راجع ، عليان القلقيلي ، المرأة و دورها في التنمية الاجتماعية ، موقع مركز الدراسات حول المرأة ، عمان ، الأردن ، 1416هـ/ 2005م، ص1-2 www.amanjordan.org .

[6] - انظر ، د. يشو ميمون بالاشتراك ، الدليل المختصر لبعض حقوق النساء في الإسلام ، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط ، المملكة المغربية ، 1419هـ/ 1998م ، ص7.

[7] - و لا يعني ذلك أن غير المسلمة لا ترضع أطفالها، و لكن بحثنا يتعلق بالمسلمة، و هو تشجيع أيضا على ضرورة الرضاعة الطبيعية و عدم تقليد المرأة الغربية الرافضة لأبسط خصوصيات الأنوثة ، حيث يكثر استخدام وسائل بديلة عن الرضاعة الطبيعية .

[8] - انظر ، عليان القلقيلي ، المرجع السابق ، ص2.

[9] - محمد الغزالي ، الحق المر ، دار الشروق ، القاهرة ، مصر ، 1410 هـ/ 1990م ، ص123.

[10] - انظر ، محمود شلبي ، محمد و تحرير الإنسان ، الدار التونسية للنشر ، ط2 ، 1983م ، ص136-137.

[11] - نجيب الجباري ، " الأسرة في الإسلام " ، صحيفة الدعوة الإسلامية ، العدد 932 ، 2004 ، ص9.

[12] - راجع ، إلهام الطالب ، المرجع السابق ، ج3، ص377-378.

[13] - د. ألكسيس كاريل ، الإنسان ذلك المجهول ، تعريب : شفيـق أسعد فريد ، مكتبة المعارف ، بيروت ، لبنان ، 1983م ، ص305-306.

[14] - عبد الحليم أبو شقة ، تحرير المرأة في عصر الرسالة ، دار القلم للنشر و التوزيع ، الصفاة ، الكويت ، ط1، 1410هـ/ 1990م ، ج2، ص456 ، نقلا عن " البيريسترويكا " لميخائيل غورباتشوف .

[15] - د. محمد علي الهاشمي ، شخصية المرأة المسلمـة كما يصوغها الإسـلام في الكتاب و السنة ، دار البشائر الإسلامية ، بيروت ، لبنان ، ط3، 1416هـ/ 1996م ، ص297.

[16] - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ، كتـاب الأدب، باب حسن الخلق، ج8 ، ص16 ؛ و أخرجه الإمام الترمذي في صحيحه بلفظ " إن من أحبكم إلي و أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا "، في أبواب البر و الصلة، باب ما جاء في معالي الأخلاق ، ج3، ص249، رقم الحديث 2087 من حديث جابر و هو حديث حسن غريب.

[17] - سورة التوبة ، الآية : 119.

[18] - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ، كتاب الأدب ، باب قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقـوا الله و كونوا مع الصادقين ، وما ينهى عن الكذب ، ج8، ص30.

[19] - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ، كتاب الأدب ، باب الحياء ، ج8، ص35 ؛ و الإمام مسلـم في صحيحه ، كتاب الإيمان، باب الحياء ، ج1، ص64 ، رقم الحديث 60 ، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه .

[20] - راجع ، الهاشمي ، المرجع السابق ، ص317.

[21] - راجع ، المرجع نفسه ، ص305.

[22] - سورة التوبة ، الآية : 70.

[23] - أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ، كتاب الأدب ، باب بيان أن الدين النصيحة ، ج1، ص74 ، رقم الحديث 95.

[24] - سورة الفرقان ، الآية : 72.

[25] - سورة النور ، الآية : 19.

[26] - أخرجه الإمام أبو داود في سننه ، كتاب الأدب، باب في النهي عن التجسس، ج4، ص272 ، رقم الحديث، 4888، من حديث معاوية رضي الله عنه .

[27] - راجع ، د. عبد الله ناصح علوان ، تربية الأولاد في الإسـلام ، دار السلام للطباعة ، القاهرة ، ط3 ، 2002م ، ج2، ص410 411.

[28] - انظر ، حسين محمد يوسف ، أهداف الأسرة في الإسلام ، دار الاعتصام للطباعة و النشر و التوزيع ، القاهرة ، مصر ، 1977م ، ص73.

[29] - راجع ، د. القرضاوي ، مسلمة الغد ، المرجع السابق ، ص17-18.

[30] - سورة الفرقان ، الآية : 67.

[31] - راجع ، مؤسسة البلاغ ، دور المرأة في بناء المجتمع ، المرجع السابق ، ص58-60.

[32] - مثل قوله تعالى : " و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا " الأعراف ، الآية: 31 ، و قوله تعالى: " و آت ذا القربى حقه والمسكيـن و ابن السبيـل و لا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطيـن و كان الشيطان لربه كفورا "، الإسراء، الآية : 29 ، و قوله : " و لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا" الإسراء ، الآية : 29.

[33] - راجع ، مؤسسة البلاغ ، المرجع السابق ، ص60.

[34] - انظر ، منصور الرفاعي عبيد ، الإسلام و منهجه في تربية الأبناء ، الهيئة المصريـة العامة للكتاب ، 1992م ، ص61-63.

[35] - سورة الإسراء ، الآية : 6.

[36] - د. اسلوم مجدي ، دور المرأة المسلمة في توجيه الأبناء ، ص147، نقلا عن مبادئ الأخلاق للدكتور ماهر كامل، ص178.

[37] - سورة التحريم ، الآية : 6.

[38] - راجع ، بسمية بنت خلدون ، المرأة و التنمية، رؤية إسلامية، جامعة الصحوة الإسلامية، الدورة الخامسة، حقوق المرأة و واجباتها في الإسلام ، رجب 1419هـ/ 1999م ، ج2، ص109-111 ، و قد ورد في المصدر تسمية ابن خلدون ، و أحسب أن ذلك خطأ .

[39] - راجع ، د. علوان ، المرجع السابق ، ص195.

[40] - د. باسلوم ، المرجع السابق ، ص153 ، نقلا عن أبحاث كول .

[41] - راجع ، باسلوم ، المرجع السابق ، ص188-189.

[42] - انظر ، المرجع نفسه ، ص179 ، نقلا عن منهج السنة في بناء الأسرة ، ص379.

[43] - و مع فرض الإسلام العلم على المرأة و الرجل على حد سواء ، فإن قبيلة السوننـك تفرق بين التبشير بميلاد الذكر أو الأنثى ، و ذلك بالقول بميلاد طالب علم عند الإخبار عن الذكر ، و القول بميـلاد خادمة البيت عند الإخبار عن الأنثى ، و قد يكون ذلك من باب التعريف فقط ، لكن ترتب على ذلك الاهتمام بتعليم الابن و تهميش البنت ، و عدم الاهتمام بتعليمها أو تثقيفها ، وهذا ما يجب تغييره ، و على المرأة المسلمة المبادرة .

[44] - سهيلة زين العابدين حماد ، قضايا في ظلال الفكر لعبد المؤمن محمد النعمان ، دار العلم للطباعة و النشر ، ط1، نقلا عن جريدة المدينة ، بحث منشور ، العدد 834 ، رقم 11.

[45] - راجع ، محمد عبد الله الدويس ، التربية الجادة ضرورة ، دار الوطن للنشر ، الرياض ، 1415هـ ، ص29-30.

[46] - راجع ، الدويس ، المرجع السابق ، ص45-47.

[47] - راجع ، الدويس ، المرجع السابق ، ص36.

[48] - محمد قطب ، الإنسان بين المادية و الإسلام ، دار الشروق ، القاهرة، مصر، ط12، 1418هـ/ 1997م، ص130.

[49] - راجع ، د. نشأة محمد رضا ظبيان ، المرأة صانعة الأبطال ، دار الوثائق، السالمية، الكويت ، 1410هـ/1990م، ط1، ص27.

[50] - راجع ، إلهام الطالب ، المرجع السابق ، ج3، ص379-380.

[51] - انظر ، محمد عثمان الخشت ، المشاكل الزوجيـة و حلولها ، مكتبة القرآن للطبع و النشر و التوزيع ، القاهرة ، 1984م ، ص32.

[52] - سورة الروم ، الآية : 21.

[53] - سورة الأعراف ، الآية : 189.

[54] - انظر ، د. أنيس إبراهيم بالاشتراك ، المعجم الوسيط ، ص465.

[55] - انظر ، مؤسسة البلاغ ، المرجع السابق ، ص12-13.

[56] - راجع ، مؤسسة البلاغ ، المرجع السابق ، ص13-14.

[57] - راجع ، فيصل مولوي ، المرأة في الإسلام ، دار ابن حزم ، بيروت ، لبنان ، ط1، 1412هـ/1992م ، ص16.

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article

Archives

Nous sommes sociaux !

Articles récents